كان الحسن البصري رحمه الله تعالى يقول: زوّج ابنتك صاحب الدين، فان احبها أكرمها، وإن أبغضها لا يظلمها!( فإن أطعنكم ، فلا تبغوا عليهن سبيلا) (النساء : 34 )أي إذا أطاعت المرأة زوجها في جميع ما يريده منها مما أباحه الله تعالى له فيها، فلا سبيل له عليها بعد ذلك فليس له ضربها ولا هجرانها وتمام الآية تهديد للرجال إذا بغوا على النساء من غير سبب.
(وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم) (البقرة:216)
وقال صلى الله عليه وسلم " لا يفرك مؤمن مؤمنة! إن كره منها خلقا رضي منها آخر"
إن هذا الحديث العظيم ينبه إلى أمر هام ينبغي أن يدركه الزوج، كما ينبغي أن تدركه الزوجة أيضا، فان الكمال لله وحده ولله در القائل:
ومن ذا الذي ترضى سجاياه كلها كفى المرء نبلا أن تعد معائبه!
إن اعتقاد كل من الزوجين بوجوب طلب السعادة الكاملة من الآخر هو سبب لأكثر المتاعب والمشكلات.
والغريب أن كثيرا من الأزواج أناني يطلب السعادة لنفسه دون أن يفكر بمنحها لرفيقته، ناسيا أن في الإعطاء سعادة لا تقل عن الأخذ!
ما أسعد الزوجة أو الزواج الذي يتحلى بالصبر والاحتمال . فان في الحياة الزوجية عقبات وصخورا قد تعترض لكل من الزوجين في كثير من الاحيان، ففي الصبر تذليل لكل ذلك. أما الطيش ففيه كل الخطر . وسرعان ما يهدد الأسرة بالانحلال والتصدع.
إن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في هذا الحديث يوجه كلا من الزوجين إلى التساهل ما دام ممكنا، فإذا أبغض كل من الآخر صفة جاءت صفة أو صفات أخرى تشفع لصاحبها. وبذلك يصير الوفاق ويتم الوئام وتسلم الأسرة, وان التفكير بمصير الأطفال, والم الفراق, كل ذلك كفيل بتنازل كل من الزوجين عن شئ من سعادته من أجل استمرار الحياة الزوجية وهي مهمة دينية وليست متعة فقط !!
' شكا رجل من بغضه لزوجته وقال : ما أقدر على فراقها لأمور منها كثرة دينها علي وصبري قليل ولا أكاد اسلم من فلتات لساني في الشكوى وفي كلمات تعلم بغضي لها .
فقيل له : هذا لا ينفع وإنما تؤتى البيوت من أبوابها ، فينبغي أن تخلو بنفسك فتعلم أنها إنما سلطت عليك بذنوبك( ليس هذا غالبا فهناك كثير من الصالحين لهم زوجات شريرات!) فتبالغ في الاعتذار والتوبة، فأما التضجر والأذى لها فما ينفع كما قال الحسن بن الحجاج: عقوبة من الله لكم فلا تقابلوا عقوبته بالسيف وقابلوها بالاستغفار.
واعلم أنك في مقام مبتلى ولك أجر بالصبر " وعسى أن تكرهوا شيئا وهو خير لكم" فعامل الله سبحانه بالصبر على ما قضى واسأله الفرج.
فإذا جمعت بين الاستغفار وبين التوبة من الذنوب والصبر على القضاء وسؤال الفرج. حصلت ثلاثة فنون من العبادة تثاب على كل منها، ولا تضع الزمان بشيء لا ينفع، ولا تحتل ظنا منك أنك تدفع ما قدر:" وأن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو " .
وأما أذاك للمرأة فلا وجه له لأنها مسلطة فليكن شغلك بغير هذا. قال الرجل: وهذه المرأة تحبني زائدا في الحد، وتبالغ في خدمتي، غير أن البغض لها مركوز في طبعي.
قيل له: فعامل الله سبحانه بالصبر عليها فانك تثاب.
قيل لأبى عثمان النيسابوري : ما أرجى عملك عندك ؟قال : كنت في صبوتي يجتهد أهلي أن أتزوج فآبى فجاءتني امرأة فقالت: يا أبا عثمان إني قد هويتك، وأنا أسألك بالله أن تتزوجني.
فأحضرت أباها وكان فقيرا فزوجني وفرح بذلك. فلما دخلت إلي رأيتها عوراء عرجاء مشوهة، وكانت لمحبتها لي تمنعني من الخروج فأقعد حفظا لقلبها ولا أظهر لها من البغض شيئا، وكأني على جمر الغضا من بغضها.
فبقيت هكذا خمس عشرة سنة حتى ماتت فما من عملي هو أرجى عندي من حفظي قلبها.
قيل: فهذا عمل الرجال. وأي شئ ينفع ضجيج المبتلى بالتضجر بإظهار البغض؟ وأنما طريقه ما ذكرته لك من التوبة والصبر وسؤال الفرج.
وأخيرا على الزوج أن يتنازل عن أنانيته من أجل مستقبل أبنائه وخاصة إذا كان هذا البغض نشأ بعد الزواج، وخاصة إذا كانت زوجته تحبه وتقوم له بكل حقوقه.
' قال رجل للخليفة عمر بن الخطاب: إنني لا أحب زوجتي!
فقال : إن البيت لايبنى على الحب
0 comments:
إرسال تعليق